أخبار التحكيم

جيبوتي متمسكة بعرقلة تنفيذ التحكيم الصادر لمصلحة شركة موانئ دبي العالمية

| تحقيق: المحامي الأستاذ أحمد وليد منصور

في العام 2006 قررت الحكومة في جيبوتي بأن تقوم بتحديث لمنشآتها القديمة، من خلال تضمين عدد من هذه المنشآت لاسيما منها المنشآت البحرية، لكي تتحول إلى ميناء عالمي يستقطب العديد من الخدمات.

استطاعت شركة موانئ دبي العالمية المملوكة للحكومة أن تحوز على عقد امتياز هام لميناء ((دوراليه)) وذلك بالشراكة مع هيئة الموانئ والمناطق الحرة في جيبوتي، بغرض تطوير وتحديث وتشغيل إدارة محطة حاويات هامة في ((دوراليه))، وبالفعل تم إبرام عقد الامتياز بين شركة موانئ دبي العالمية وهيئة الموانئ في جيبوتي، وتم تأسيس شركة باسم شركة محطة حاويات دوراليه ((DCT))، مدة العقد /30/ عاماً تبدأ من العام 2006، بنسبة 33.34% للشركة الإماراتية، و66.66% لهيئة موانئ جيبوتي.

وفي العام 2008 تم الانتهاء من تشييد هذه المحطة، بتكلفة تقارب /427/ مليون دولار، كانت هذه المحطة نقلة نوعية في الاقتصاد بجيبوتي وأصبحت أكبر مصدر للإيرادات في جيبوتي، وكانت تعمل دائمًا بربح هائل، حتى وصفتها شركة موانئ دبي العالمية على موقعها على الإنترنت بأنها ” أحدث ميناء في أعماق البحار ومنصة لوجستية مناسبة لتكون بمثابة بوابة طبيعية لإثيوبيا ودول وسط إفريقيا غير الساحلية”. وقالت الشركة إن هدفها هو أن تكون بمثابة مركز إقليمي للسفن المتجهة إلى البحر الأحمر والمحيط الهندي.

لا جديد خارج عن المألوف قامت به حكومة جيبوتي لاحقاً، ففي مثل العديد من الدول العربية، العاجزة عن تطوير بنيتها التحتية، تسعى الحكومات إلى طرح مشاريعها للاستثمار والحصول على تمويل خارجي لهذا المشروع، ثم تسعى لتضييق على صاحب المشروع وإخراجه منه والاستئثار والاستحواذ عليه.

كانت أولى الخطوات التي قامت بها حكومة جيبوتي هو التوجه إلى محكمة لندن للتحكيم في العام 2014، وذلك بطلب فسخ عقد الامتياز مع الشركة الإماراتية بحجة أن هذه الشركة حصلت على عقد الامتياز عن طريق رشوة قدمتها الشركة الإماراتية إلى “عبد الرحمن بوره” الرئيس السابق لهيئة الموانئ والمنطقة الحرة في جيبوتي، من أجل تأمين امتياز المحطة في عام 2006.

دحضت الشركة الإماراتية ادعاء جيبوتي، وقالت إنها حصلت على المشروع عن طريق أقنية قانونية، ولا توجد أية علاقة لها بهذه المزاعم التي تدعيها الحكومة في جيبوتي.

كما تقدمت الشركة الإماراتية بادعاء بالتقابل طالبت به بالتعويض عن الضرر اللاحق بها جراء طلب فسخ العقد لأمور غير صحيحة، وبالفعل حكمت محكمة لندن للتحكيم في العام 2017 برد ادعاء جيبوتي لعدم الثبوت والتعويض للشركة الإماراتية.

الرئيس الجيبوتي إسماعيل عمر جيله المنتخب منذ العام 1999، لم يعجب بهذا القرار، فاستخدم البرلمان لسن قانون جديد في تشرين الثاني 2017 يسمح للحكومة في جيبوتي بالمطالبة بإعادة التفاوض بشأن “عقود البنية التحتية الاستراتيجية” وإنهائها إذا فشلت محاولات إعادة التفاوض.

عللت الحكومة الجيبوتية قانونها الجديد بأنه “حماية المصالح الفضلى للأمة، في سياق عقود البنية التحتية الاستراتيجية … لا سيما تلك المتعلقة بسيادة الدولة. الدولة والاستقلال الاقتصادي للبلاد”.

حاولت جيبوتي في العام 2018 الدخول في محادثات مع موانئ دبي العالمية لإعادة التفاوض بشأن عقد “دوراليه” لكن الشركة رفضت. بعد يومين، أنهى الرئيس الجيبوتي إسماعيل عمر جيله اتفاقية الامتياز بمرسوم تنفيذي، وقطع مشروع بورت دي جيبوتي المشترك مع موانئ دبي العالمية وطرد موظفيها من البلاد. وفي الوقت نفسه، عينت محكمة جيبوتي مديراً إدارياً محليًا للسيطرة على ” محطة دوراليه” من أجل تولي الاعمال الإدارية فيها.

في العام 2018 تقدمت شركة موانئ دبي إلى محكمة التحكيم بلندن عملاً بالشرط التحكيمي الوارد بعقد الامتياز، مطالبة بها إما باستعادة استثمارها بمحطة “دوراليه” أو التعويض لها عن الخسائر التي لحقت بها، كما توجهت بدعوى أخرى طالبت بها تقييد الحكومة في جيبوتي لكف يدها عن السيطرة على المحطة موضوع النزاع.

حاول المدير المعين من قبل الحكومة في جيبوتي إيقاف إجراءات التحكيم في لندن وفشل في ذلك بحجة أنه الممثل الوحيد المخول بالتصرف نيابة عن “دوراليه”.

استجابت محكمة التحكيم في لندن لطلبات الشركة الإماراتية، وحكمت على الحكومة الجيبوتية في العام 2018 بتعويض مقداره 474.4 مليون دولار بالإضافة إلى الفائدة، وفي شهر آذار 2019 تم تعديل المبلغ المستحق للشركة الإماراتية إلى 485.75 مليون دولار بالإضافة إلى الفائدة.

علقت حكومة جيبوتي رداً على القرار، بأنه “لا يمكن لجمهورية جيبوتي بأي حال من الأحوال أن تقبل مثل هذا الحكم الصادر في تحكيم لم تشارك فيه والذي يخالف قواعد القانون الدولي التي تسمح لدولة ذات سيادة بإنهاء أي عقد لأسباب تتعلق بالمصلحة الوطنية العليا بشرط دفع تعويض عادل”.

توجهت الشركة الإماراتية إلى دعوى قضائية أمام واشنطن العاصمة لإنفاذ الأحكام التحكيمية التي حصلت عليها ضد الحكومة في جيبوتي في لندن وويلز، إلا أن الحكومة في جيبوتي لاتزال تماطل في إنفاذ هذه الأحكام، متذرعة بعدد من الحجج آخرها ما قدمته بمذكرتها المؤرخة في 22/11/2021 بما يلي:

1- أن إخطار الحكومة في جيبوتي حول الدعوى المنظورة أمام المحكمة في واشنطن غير صحيح ولا ينسجم مع قانون السيادة الأجنبي.

2- صرحت جيبوتي كذلك أن اتفاقية التحكيم بين الحكومة والشركة الإماراتية لم تنشأ عن علاقة تجارية قانونية ولا تندرج تحت اتفاقية نيويورك ((وهي معاهدة دولية تحكم إنفاذ اتفاقيات وقرارات التحكيم الدولية)) وبحسب المذكرة، فإن جيبوتي محصنة أيضًا من الدعوى بموجب قانون الحصانات السيادية الأجنبية الأمريكي.

وتقول بأن محاكمها هي المختصة للنظر بقضايا التحكيم وإلغائه، وبأنها توجهت عن طريق سفيرها في الإمارات عثمان موسى درار، بإبلاغ شركة موانئ دبي العالمية عن هذه الدعوى، إلا أن هذه الأخيرة رفضت التمثل فيها.

“لاتزال هذه القضية منظورة حتى اليوم – القضية هي ((DCT)) ضد جمهورية جيبوتي، 1:20-cv-02571-TFH NO  لدى المحكمة الجزئية الأمريكية لمنطقة كولومبيا”.

يمكنكم متابعة الوثيقة أدناه، مع الرجاء الانتظار للحظات ريثما يتم تحميلها داخل الموقع:
DJIBOUTI DEFENSES 22-2-2022
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: تنبيه: محتوى الموقع محمي !!