مقالات وأبحاث

حجية الأوراق والسندات في الدعوى التحكيمية..

| المحامي أحمد وليد منصور

للكلام عن أوراق الملف التحكيمي أهمية كبيرة، لما لهذه الأوراق من آثار سواء فيما بين أطراف التحكيم، أم على الغير الذي قد يمتد أثر الحكم التحكيمي إليه.

وعلى الرغم من كثرة المؤلفات القانونية التي تحدثت عن التحكيم، إلا أن الحديث عن أوراق التحكيم وحجيتها على الأطراف وعلى الغير تكاد تكون شبه معدومة. والحقيقة إنَّ مادفعنا للتطرق لهذا الموضوع، ليست أهميته فحسب، بل لوقوع قضايا عملية عرضت علينا فلم نجد لها إجابة في فقهٍ أو اجتهاد، مادفعنا لمشاركتكم برأينا، علنا نُفيد إذا كان رأينا صائب، أو نستفيد من رأيكم إذا كان لكم رأياً آخراً بهذا الخصوص.

قبل الدخول بصلب موضوع هذا المقال، سنطرح عليكم المسألة التالية:

سامر وكيل لأحمد بموجب سند توكيل عام موثق لدى الكاتب بالعدل في اللاذقية المؤرخ في 10/08/2021 والمتضمن تفويضاً خاصاً بالتحكيم وتسمية المحكمين، حدث لاحقاً خلاف بين سامر وأحمد، ما دفع أحمد إلى عزل سامر من الوكالة العامة بتاريخ 05/04/2022، قبل العزل كان سامر قد استحصل على صورة مصدقة عن الوكالة لقضاء بعض الأمور عن أحمد بتاريخ 03/01/2022، وعندما علم سامر بأن أحمد قد عزله وتبلغ سند العزل، أراد الانتقام من أحمد لتصرفه هذا، فقام بإبرام عقد بيع صوري لمواد غذائية بينه وبين أحد التجار في منطقة المشروع العاشر باللاذقية، يتضمن العقد بأن سامر بصفته وكيل عن أحمد قد تعاقد مع مازن بقصد شراء بضاعة مواد غذائية بقيمة 450.000.000 ل.س، وأن هذا المبلغ يصبح مستحق الأداء بعد تسلم المشتري للبضاعة، كما تضمن العقد شرطاً تحكيمياً أنه في حال حدوث أي خلاف أو نزاع يتم حله عن طريق التحكيم، تمت تسمية شخص يدعى عبد الرحمن محكماً منفرداً بهذا النزاع، وقد وضع للعقد تاريخ سابق في 24/12/2021 وموطناً مختاراً هو موطن الوكيل سامر، وتم إجراء دعوى تحكيم صورية بالكامل وضع لها تواريخ سابقة لتاريخ العزل ادعى فيها التاجر مازن أنه قد سلم البضاعة لأحمد ولم يسدد له أحمد الثمن، وأقر بها سامر عن أحمد بأنه مدين بثمن البضاعة وذلك بموجب الصورة المصدقة عن الوكالة التي بحوزته العائدة بتاريخها إلى ماقبل العزل، وصدر حكم تحكيمي صوري وضع له تاريخ 01/04/2022، وتم إيداعهُ بديوان محكمة الاستئناف المدنية باللاذقية وكان ذلك بتاريخ 28/04/2022، وتم تبليغ الحكم على الموطن المختار الموضوع على العقد وهو موطن الوكيل سامر، ومضت مدة /30/ يوماً دون رفع دعوى البطلان، فقام مازن برفع دعوى إكساء للحكم التحكيمي وتم التبليغ على الموطن المختار أيضاً ولم يحضر أحد عن المتعاقد أحمد، وتم إكساء هذا الحكم صيغة التنفيذ، وكل ذلك وأحمد ليس له أدنى معرفة بهذا الأمر، وضع القرار مطرح التنفيذ، وتم طلب إلقاء الحجز التنفيذي على أموال أحمد لقاء مبلغ 450.000.000 ل.س بالإضافة للفوائد القانونية، علم أحمد بهذا القرار، فراجع رئيس التنفيذ وتقدم بإفادة تنفيذية بحجة أن هذا القرار معدوم، وبأن سامر قد تم عزله من الوكالة ولايحق له الحضور بالدعوى التحكيمية أو توقيع عقد بدلاً عنه، وبأن الحكم تم إكسائه صيغة التنفيذ بتاريخ لاحق للعزل، إلا أن رئيس التنفيذ رفض الإفادة التنفيذية التي تقدم بها أحمد، وأعلمه أن قرار التحكيم صدر وفقاً للأوراق التي بين يديه بتاريخ سابق للعزل، وبأنه أمام قرار واجب التنفيذ بعد إكسائه صيغة التنفيذ، وبأنه ملزم بالمثابرة على التنفيذ، وأنه يتوجب على أحمد مراجعة القضاء المختص بهذا الخصوص، وطلب وقف التنفيذ.

والسؤال الذي يطرح نفسهُ هنا، هل يعتبر قرار الإكساء نافذ بحق أحمد؟ وأمام أي محكمة سيقوم أحمد برفع دعواه لو كان القرار غير ذلك؟

من هذه المسألة، ننتقل للحديث عن موضوع هذا المقال، وهو مدى حجية الأوراق في الدعوى التحكيمية، لننتقل في النهاية للإجابة على التساؤلات السابقة.

أولاً- الأسناد الرسمية

عرف قانون البينات الأسناد الرسمية، بأنها الكتابة التي يثبت فيها موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة طبقاً للأوضاع القانونية وفي حدود سلطته واختصاصه ماتم على يديه أو تلقاه من ذوي الشأن. فتكون حجة على الناس كافة بما فيها من أفعال مادية ولايتم الطعن بها إلا عن طريق التزوير.

وعليه، يجب أن تتوفر في الأسناد الشروط التالية لتعتبر أسناداً رسمية، وهي:

1- أن تكون محررة بواسطة موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة. والمقصود بالموظف العام هو كل شخص عينته الدولة ليقوم بأداء عمل من أعمالها على صورة الدوام. فإذا لم يكن عمله مستمراً كالمأذون الذي يقوم بتنظيم عقد الزواج لايعتبر موظفاً عاماً، بل شخصاً مكلفاً بخدمة عامة. أما الموظفون العامون في سورية متعددون منهم الكتاب بالعدل وكتاب المحكمة وأمناء السجل العقاري وغيرهم ممن نص القانون على اعتبارهم موظفون عامون خلال قيامهم بعملهم.

2- أن يكون الموظف مختصاً بتحريرها، فلايكفي أن يكون السند محرراً من موظف عام، بل يجب أن يكون الموظف مختصاً بتحريره اختصاصاً موضوعياً ومكانياً. فإن لم يكن كذلك لايكون السند الصادر عنه رسمياً. ويرجع في تعيين حدود وظائف الموظف العام إلى القوانين الخاصة، فالأحكام التي يصدرها القضاة والمحاضر التي ينظمها الكتاب والمحضرون تتبع قانون أصول المحاكمات المدنية.

3- أن يكون تحرير السند بالأوضاع المقررة قانوناً بمعنى أن على الموظف العام أن يتقيد بالقواعد والأصول التي نصت عليها القوانين. وهكذا يجب على كل موظف مختص مراعاة الأوضاع التي عينها له قانونه الخاص فإذا لم تراع هذه الأوضاع لايكون السند رسمياً.

– فإذا تخلت إحدى الشروط السابقة عن السند، فقد صفته كسند رسمي، ولا تكون له إلا قيمة الأسناد العادية بشرط أن يكون ذَّوو الشأن قد وقعوا عليها بتواقيعهم وأختامهم أو ببصمات أصابعهم.

– ولما كانت الأوراق الخاصة بالملف التحكيمي لاتنطبق عليها الشروط السابقة، فهي تعتبر أوراق عادية، وليست أوراق رسمية، وذلك وفقاً للمقارنة التالية:

1- إن المُحكم في الدعوى التحكيمية والمُقرر أيضاً ليسا موظفان أو أشخاص مكلفين بخدمة عامة، وذلك لأن هؤلاء يتم تعيينهم بإرادة أطراف التحكيم، ويستمدون صلاحياتهم من خلال ماهو ممنوح لهم بالصك التحكيمي، على عكس القاضي أو كاتب المحكمة فهو موظف عام يخضع للقوانين الناظمة لعمله، ويستمد صلاحياته من القانون لا من المتقاضين.

2- إن محضر الجلسات التي يوقع عليها أعضاء هيئة التحكيم، لاتعتبر سندات رسمية، كمحاضر الجلسات أمام المحاكم، وذلك أن أعضاء هيئة التحكيم (ولو كانوا قضاة أو موظفين عامين) عندما يوقعون عليها، يوقعون عليها بموجب الصلاحيات الممنوحة لهم من أطراف التحكيم، لا من خلال الصلاحيات الممنوحة لهم في القانون خلال ممارستهم وظيفتهم الرسمية.

3- من الممكن أن تقام دعوى تحكيمية كاملة دون ،ان تتضمن أي سند رسمي، وذلك إذا بلغت هيئة التحكيم بالذات لطلب التحكيم من قبل طالب التحكيم دون أن يكون هذا التبليغ من خلال بطاقة بريدية أو إنذار كاتب عدل، وإذا حضر أعضاء هيئة التحكيم ونظموا محضر تمهيدي أولي وقبلوا المهمة وحددوا جلسة للشروع بالتحكيم، وإذا حضر المتحاكم معه شخصياً دون تبليغه، وإذا كانت إجراءات الدعوى التحكيمية لاتحتاج لوساطة محكمة الاستئناف، فعندها تكون عملية التحكيم برمتها بما تضمنته من محاضر وأوراق بما في ذلك القرار التحكيمي (قبل إيداعه محكمة الاستئناف) هي جميعها سندات عادية وليست سندات رسمية، ومن هنا ننتقل إلى بحث حجية أوراق التحكيم، بعد أن تبين لنا أن هذه الأوراق بما فيها الحكم التحكيمي هي سندات عادية وليست سندات رسمية.

ثانياً- حجية السندات في الملف التحكيمي

– على الرغم من أننا كما ذكرنا سابقاً بخصوص أن السندات في الدعوى التحكيمية هي بالأصل سندات عادية إلا أن هذه القاعدة لا تؤخذ على إطلاقها، فقد يكون هناك سندات مبرزة في الدعوى التحكيمية تأخذ الطابع الرسمي وذلك كسندات تبليغ أطراف الدعوى التحكيمية إذا تمت عن طريق دائرة المحضرين، أو ككتاب وضع إشارة الدعوى الصادر عن أمانة السجل العقاري إذا كانت الدعوى متعلقة بعين عقار، أو كتاب وضع إشارة الدعوى التحكيمية على السجل التجاري إذا كانت الدعوى متعلقة بحل وتصفية شركة ….. إلخ من أمور قد يترتب عليها ضرورة الحصول على سند رسمي للبت بالدعوى التحكيمية.

– كما أننا لمعرفة مدى حجية السندات في الدعوى التحكيمية يجب أن نميز بين مرحلتين للدعوى التحكيمية، أما المرحلة الأولى فهي المرحلة الممتدة من تاريخ حدوث النزاع التحكيمي وحتى صدور قرار بهذه الدعوى، والمرحلة الثانية هي المرحلة المتعلقة بإيداع القرار التحكيمي لدى ديوان المحكمة المختصة بالإكساء.

أ- حجية السندات من تاريخ حدوث النزاع وحتى تاريخ إصدار الحكم التحكيمي

– في هذه المرحلة تكون كافة السندات المنظمة من قبل هيئة التحكيم بما فيها الحكم التحكيمي، هي مجرد سندات عادية غير ثابتة التاريخ، لها حجية فيما بين الأطراف الموقعين عليها فقط، ولا حجية لها على الإطلاق بالنسبة للغير، لأن العملية التحكيمية برمتها إذا لم تقترن بطريقة تكسبها تاريخ ثابت فتبقى غير ذات حجية على الغير.

– وتكتسب السندات التحكيمية تاريخها الثابت بإحدى الطرق التالية:

أ- إذا اقترنت العملية التحكيمية بإجراء قانوني رسمي ثبت فيه أن هناك نزاع تحكيمي قائم أو سيقوم بين الأطراف، فيعتبر هذا الإجراء بمثابة تاريخ ثابت لبدء التحكيم، وذلك كأن يوجه إنذار كاتب عدل لهيئة التحكيم من أجل قبول المهمة التحكيمية، أو كأن ترفع دعوى تسمية محكم، أو كأن يتم إجراء تبليغ رسمي لموعد جلسة التحكيم للمتحاكم معه، أو من خلال صدور قرار من المحكمة المختصة بوضع إشارة دعوى بناء على قرار المحكم …..الخ من طرق يُثبت فيها وجود تحكيم من خلال ذكر ذلك في سند رسمي أو محضر رسمي.

ب- إذا توفي أحد أطراف التحكيم بعد البدء بإجراءات التحكيم، وكان له إمضاء أو بصمة على هذه الأوراق، فيكون للتحكيم تاريخ ثابت من يوم وفاة هذا الشخص.

ج- إذا استحال على أحد أطراف التحكيم ممن له توقيع أو بصمة أو خط، أن يقوم بذات هذه الأفعال لعلة حدثت في جسمه تمنعه عن القيام بهذه الأفعال مرة أخرى، وعندها يعتبر تاريخ التحكيم ثابتاً من تاريخ حدوث هذه العلة.

– إذاً، فالتحكيم بمجمله إذا لم يقترن بسند رسمي يثبت مضمونه، يعتبر سند عادي لاتاريخ ثابت له بما في ذلك الحكم التحكيمي، إلا أن قانون التحكيم السوري رقم /4/ لعام 2008، تعامل مع محاضر جلسات التحكيم كسند عادي بنوع من التمييز عن السندات العادية الأخرى، فقد أعطى حجية للصورة الضوئية العادية لمحضر الجلسة على من ينكرها أن يثبت عكسها، وذلك وفقاً لما جاء في الفقرة /4/ من المادة /29/ حيث نصت على مايلي: ((تكون وقائع جلسات التحكيم بمحضر يوقع عليه أعضاء هيئة التحكيم وطرفا التحكيم الحاضران أو وكلاؤهم، وتسلم صورة منه إلى كل من الطرفين مالم يتفقا على غير ذلك)).

إذاً، فالأصل في إجراءات التحكيم أن يحصل أطرافه على صورة عن محاضر جلسات التحكيم، وبالتالي ممكن لأطراف التحكيم أن يستخدموا هذه الصور كقرينة عن مخالفة حدثت خلال إجراءات التحكيم، وعلى المحكمة أن تنظر بهذه الصورة، ولايكفي إنكار الطرف الذي احتج عليه بها لتفقد هذه الصورة قيمتها، بل عليه أن يدحضها ويثبت عكسها، حتى تفقد هذه الصورة قوتها بالإثبات، وذلك على خلاف السندات العادية الأخرى التي يكفي للمحتج عليه بها أن ينكرها إذا كانت مجرد صورة ضوئية وعندها تفقد كل قيمة لها.

ب- حجية سندات وأوراق التحكيم بعد إيداع الحكم التحكيمي ديوان المحكمة المختصة

– قلنا بمقالات سابقة، أن الحكم التحكيمي يصدر مبرماً وملزماً لأطرافه بمجرد صدوره، وأن رفع دعوى الإكساء أمام المحكمة المختصة، ليس لإعطاء هذا الحكم التحكيمي طابع الإلزام، بل لإعطائه الطابع الرسمي الذي يمكن من حُكم له بالدعوى التحكيمية أن يلجأ إلى دائرة التنفيذ ليطلب تنفيذ هذا الحكم جبراً على الطرف الخاسر.

وهذا مانصت عليه صراحةً المادة /53/ من قانون التحكيم حيث جاء فيها: ((تتمتع أحكام المحكمين الصادرة وفق أحكام هذا القانون بحجية الأمر المقضي به، وتكون ملزمة وقابلة للتنفيذ تلقائياً من قبل الأطراف، أو بصفة إجبارية إذا رفض المحكوم عليه تنفيذها طوعاً، بعد إكسائها صيغة التنفيذ)).

وبالتالي، فإن الحكم التحكيمي وكافة الأوراق والسندات الموجودة فيه تعتبر مجرد سندات عادية (وذلك باستثناء السندات الرسمية التي من الممكن أن تكون ضرورية لاتمام عملية التحكيم كما ذكرنا سابقاً كإشارة الدعوى أو سند التبليغ)، يكون لها تاريخ ثابت إذا ارتبطت بطريقة تؤكد تاريخ إجراءها، ولايكون لها هذا التاريخ إذا تمت بشكل كامل دون اقترانها بطريق يتكئ عليه كتاريخ ثابت يوثق تاريخ قيام التحكيم، كما في المسألة المطروحة بهذا المقال.

– وعليه يكون إيداع الحكم التحكيمي لدى ديوان المحكمة المختصة، هو بمثابة تاريخ ثابت للحكم التحكيمي، إذا لم يوجد طريقة تؤكد أن له تاريخ أسبق، وعليه يكون الحكم التحكيمي والأوراق والسندات في الدعوى التحكيمية من تاريخ إيداعها لدى ديوان المحكمة المختصة، هي أوراق عادية لها تاريخ ثابت من تاريخ الإيداع.

– ويبقى العنصر الأهم، أن الحكم التحكيمي، بمجرد طرحه على المحكمة المختصة، سواء بدعوى إكساء أو بطلان اعتبر سنداً رسمياً، وذلك بصراحة المادة /53/ من قانون التحكيم، التي قالت أن الحكم التحكيمي ينفذ جبراً بعد إكسائه صيغة التنفيذ، أي أن القوة التنفيذية منحت للحكم التحكيمي، وليس لقرار الإكساء، وقد نص قانون أصول المحاكمات المدنية في المادة /275/ على مايلي: ((أ- التنفيذ الجبري لايكون إلا لسند تنفيذي.

ب- الاسناد التنفيذية هي الأحكام والقرارات والعقود الرسمية وصكوك الزواج والأوراق الأخرى التي يعطيها القانون قوة التنفيذ. …الخ)).

وبالتالي، يتحول الحكم التحكيمي بعد إكسائه من مجرد سند عادي له تاريخ ثابت، إلى سند رسمي له قوة تنفيذية وينفذ جبراً وفقاً لأحكام قانون التحكيم الذي أعطاه قوة التنفيذ الجبري بعد أن يتم إكساءه صيغة التنفيذ.

أما محاضر جلسات التحكيم فتبقى أوراق عادية لها تاريخ ثابت لاقوة رسمية لها، سواء قبل دعوى الإكساء أم بعدها، لأن المحكمة المختصة عندما تبحث بها، تبحث بها فقط للتأكد من سلامة العملية التحكيمية، ويمكن لأطراف التحكيم أن يطعنوا بصحتها أو إنكارهم لتوقيعهم عليها أمام المحكمة الناظرة بدعوى الإكساء أو البطلان، وذلك دون حاجتهم لرفع دعوى تزوير، وعندها تقوم المحكمة المختصة بمضاهاة التوقيع للتأكد من صحته.

ج- ماذا حول مايتعلق بالمسألة المذكورة بهذا المقال

– بالعودة إلى المسألة المذكورة ببداية هذا المقال، وبعد إسقاط كل ماذكر عليها، نجد أن أطراف التحكيم بما فيهم هيئة التحكيم لم يقوموا على الإطلاق بإقران الدعوى التحكيمية بأي وثيقة رسمية كانت ليصبح لهذه الدعوى تاريخاً ثابتاً، ولايمكن القول بأن الوكالة المصدقة لتاريخ سابق للتحكيم (الصوري) هي بمثابة ورقة رسمية مبرزة بالدعوى التحكيمية من الممكن الاعتداد بتاريخها، وذلك لأن القانون واضح جداً بهذا الخصوص، وهو مانصت عليه المادة /11/ من قانون البينات، أنه يجب أن يثبت مضمون السند العادي بسند له تاريخ ثابت حتى يكون للسند العادي تاريخ ثابت، والوكالة العامة وإن كانت تحمل تفويضاً بالتحكيم، إلا أنها لاتعتبر توثيقاً لمضمون التحكيم، أو للعقد الموقع من قبل الوكيل المعزول، أما لو كانت وكالة خاصة سواء لتنظيم العقد المدعى به في الدعوى التحكيمية، أو خاصة للقيام بالتحكيم مع ذكر سبب التحكيم، لتم الاستناد إليها كوسيقة رسمية لها تاريخ ثابت، ويؤخذ التحكيم عندها تاريخه الثابت منها.

أما في الحالة المذكورة بالمسألة السابقة، فلايوجد أي ورقة لها تاريخ ثابت خلال فترة القيام بالتحكيم، أم بعد صدور الحكم التحكيمي، وعليه يأخذ الحكم التحكيمي تاريخه الثابت من تاريخ الإيداع، ويحق للمتضرر أحمد أن يرفع دعوى انعدام أمام المحكمة مصدرة قرار الإكساء مستنداً على عدم صحة الخصومة واعتلالها، مستنداً إلى أن العقد لا تاريخ ثابت له ولا علم له به، وبأن الموطن المختار المذكور في العقد هو موطن صوري لوكيل قد تم عزله، وكون أوراق التحكيم بما فيهم العقد كسندات عادية لايكتسبون التاريخ الثابت إلا من تاريخ إيداع الحكم ديوان المحكمة المختصة، وكون تبليغ الوكيل سامر بأنه قد عزل كان بتاريخ سابق لهذا التاريخ، فهنا من المفترض وهذا رأينا أن تقوم المحكمة أولاً بإعطاء قرار بوقف تنفيذ الحكم التحكيمي، وثانياً بالتحري عن التاريخ وصحته بالعقد والحكم التحكيمي، فإذا لم يستطع أطراف الدعوى التحكيمية إثبات ذلك، تقوم المحكمة بإعلان انعدام قرار الإكساء ورد طلب الإكساء لعدم صحة الخصومة.

يمكنكم متابعة الوثيقة أدناه، مع الرجاء الانتظار للحظات ريثما يتم تحميلها داخل الموقع:
حجية أوراق الدعوى التحكيمية

—-

المحامي أحمد وليد منصور

ماجستير بقانون إدارة الأعمال من جامعة باريس الثانية

عضو لجنة تعديل قانون التحكيم لدى غرفة التجارة الدولية

عضو مركز دبي للتحكيم التجاري الدولي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: تنبيه: محتوى الموقع محمي !!