مقدمة: الأصل أنه إذا صدر الحكم التحكيمي وفق أحكام القانون 4 لعام 2008 فإنه يحوز حجية الأمر المقضي به بمجرد صدوره، ويكون ملزماً وقابلاً للتنفيذ تلقائياً (رضائياً) من قبل الأطراف وفقاً للمادة (53). أما إذا امتنع المحكوم عليه عن ذلك أجبر على تنفيذه وفق أحكام دعوى إكساء الحكم صيغة التنفيذ .
طلب إكساء الحكم صيغة التنفيذ : يقدم من المحكوم له بأداء معين إلى المحكمة المختصة المعرفة بالمادة (3) من قانون التحكيم وهي محكمة الاستئناف التي جرى التحكيم ضمن دائرتها أو محكمة الاستئناف التي اتفق الأطراف على اختصاصها م (53) .
بعد قيد الطلب وفق الأصول المتبعة في تسجيل الدعاوى يبلغ المحكوم عليه به ويكون له حق الرد عليه خلال فترة عشرة أيام من تاريخ تبليغه صورة الطلب المادة 54/أ. ويجب أن يرفق بالطلب وفق المادة 54/ب ما يلي :
1 – أصل الحكم أو صورة مصدقة عنه .
2 – صورة عن اتفاق التحكيم أو صورة العقد المتضمن شرط التحكيم .
3 – ترجمة محلفة للحكم إلى اللغة العربية في حال صدوره بلغة أخرى .
4 – صورة عن المحضر الدال عن إيداع الحكم وفق المادة (43) .
– بعد التحقق من الناحية الشكلية للطلب وشروط قبوله فإنه يجب على المحكمة المختصة أن تتأكد من توفر الشروط التالية لمنح الصيغة التنفيذية للحكم التحكيمي وهي :
1 – يجب أن يكون ميعاد رفع دعوى البطلان للحكم قد انقضى وفقاً للمادة 56/1 التي لم تجز تنفيذ الحكم قبل انقضاء هذا الميعاد والمحدد ب 30 يوماً التالية لتاريخ تبليغ الحكم التحكيمي للمحكوم عليه مع ملاحظة جواز رفع دعوى البطلان بمجرد صدور الحكم وتبليغه .
ومع ذلك فإنه إذا رفعت دعوى البطلان فإن ذلك لا يمنع المحكوم عليه من تقديم طلب الاكساء أو إصدار الحكم فيه لأنه لا يترتب على رفع دعوى البطلان وقف تنفيذ حكم التحكيم وفقاً للمادة (55) .
وتحسباً من المشرع لاحتمال صدور أحكام متناقضة فيما إذا قبل طلب الإكساء ثم صدور الحكم بقبول دعوى البطلان فإنه خول المحكمة الناظرة بالبطلان وبناءً على طلب مدعي البطلان سلطة تقرير وقف التنفيذ – في غرفة المذاكرة – لمدة أقصاها 60 يوماً وفقاً للمادة (55) .
2 – ألا يكون الحكم متعارضاً مع حكم سبق صدوره من المحاكم السورية في موضوع النزاع والمقصود من ذلك ألا يكون الحكم التحكيمي متعارضاً مع حكم سابق صدر في موضوع النزاع الذي فصل فيه حكم التحكيم بشكل يتعارض مع حجية ما قضى به هذا الحكم .
أما إذا كان التعارض بين الحكمين متعلقاً بجزءٍ مما فصل فيه الحكم التحكيمي فإنه يجوز إكساء حكم التحكيم بجزئه الذي لم يفصل فيه الحكم السابق أو الذي لا يتعارض مع ما فصل فيه .
3 – ألا يتضمن الحكم ما يخالف النظام العام في سورية : وبناءً عليه فإنه ليس للمحكمة أن تعطي الصيغة التنفيذية لحكم محكمين قضى بدين قمار أو التزام بدفع ثمن مخدرات مع الملاحظة أن المقصود النظام العام الداخلي في سورية وليس النظام العام الدولي .
4 – يجب أن يكون قدتم تبليغ الحكم للمحكوم عليه تبليغاً صحيحاً : أي أن يكون وفقاً لقواعد التبليغ المنصوص عنها في قانون أصول المحاكمات حيث تتأكد المحكمة من ذلك بالإطلاع على سند التبليغ الواجب إرفاقه بطلب الإكساء .
سلطة المحكمة أثناء نظر طلب الإكساء : تنظر المحكمة بالطلب بتشكيلها الجماعي في غرفة المذاكرة وعليها أن تتأكد ابتداءً من أن المستند المقدم إليها هو حكم تحكيمي بالمعنى الصحيح ثم عليها أن تفحص اتفاق التحكيم المرفق بالطلب ، فإذا تأكدت من صحته نظرت في الطلب بسلطة محدودة تقتصر على التأكد من المشروعية الظاهرة للحكم (رقابة ظاهرية) دون أن تعيد نظر الموضوع فتتأكد بصفة خاصة من الشروط المذكورة سابقاً ، ثم من صدور الحكم بين طرفي الإكساء (الصفة) وما إذا كان الحكم مسبباً أم لا ، ومن اشتماله على البيانات الأساسية المعددة في المادة (42) . وبشكل عام تقتصر سلطة محكمة الإكساء على التأكد من عدم توافر سبب ظاهر لبطلان الاتفاق على التحكيم أو لسقوطه أو لمخالفة ظاهر الحكم للنظام العام أو بطلانه .
الحكم في الطلب والطعن فيه : إذا توافرت الشروط المذكورة سابقاً في الحكم فعلى محكمة الاستئناف المختصة أن تصدر قرارها بإعطاء الصيغة التنفيذية لحكم التحكيم ، أما إذا تخلف شرط أو أكثر مما ذكر فعليها أن تقرر رد الطلب أي أنه ليس للمحكمة صلاحية تعديل حكم المحكمين .
وأخيراً : وبخصوص مدى قابلية الحكم الصادر في طلب الإكساء للطعن به من عدمه ، فإن المشرع سكت على إيراد أي حكم بهذا المسألة إلا أن القضاء قد سار على مبدأ أن قرار إعطاء الصيغة التنفيذية لحكم التحكيم مبرماً في حين أن رد طلب الإكساء قابلاً للطعن بالنقض .
مع الإشارة إلى أن غرفة المخاصمة لدى محكمة النقض قبلت دعوى المخاصمة بقرار إكساء حكم المحكمين .
