أبرمـت شـركة دانمركيـة وشـركة نمـساوية ذات مـسؤولية محـدودة اتفـاق امتيـاز احتـوى علـى شرط تحكـيم يـنص علـى التحكـيم بموجـب قواعـد المعهـد الـدانمركي للتحكـيم في كوبنـهاغن. وفي وقـت لاحـق، انـضم مـدير الـشركة النمـساوية وشـخص طبيعـي آخـر إلى اتفـاق الامتيـاز بـصفتهما مـالكين مباشـرين أو غـير مباشـرين للامتيـاز وضـامنين لأداء التزامـات المـستفيد مـن الامتياز بموجب اتفاق الامتياز.
وعنــدما اســتهلّت الــشركة الدانمركيــة إجــراءات تحكــيم ضــد الــشركة النمــساوية والــضامنين الاثنين، احـتج المـدعى عليهمـا، في جملـة أمـور، بـأَن شـرط التحكـيم الـوارد في اتفـاق الامتيـاز ليس ملزماً للضامنين الاثـنين، وأثـارا – في مرحلـة لاحقـة مـن الإجـراءات – اعتراضـات علـى اختـصاص هيئـة التحكـيم. وبمـا أنَّ المـدعى عليهمـا شـاركا في التحكـيم دون أن يعترضـا علـى اختصاص هيئة التحكيم في بيان دفاعهمـا فقـد رفـضت هيئـة التحكـيم الاعتراضـات باعتبارهـا أُودعت في وقت مفرط التأخير.
وبعـد أن تخلَّــف المــدعى عليهمــا النمــساويان عـن الامتثــال لقــرار التحكــيم، طلبــت الــشركة الدانمركية الاعتراف بـه وإنفـاذه أمـام المحـاكم النمـساوية. واحـتج المـدعى عليهمـا بـأنَّ الإنفـاذ ينبغــي رفــضه للــسببين التــاليين:
١- علــى أســاس المــادة الخامــسة (١) (أ) (و) (ج) مــن اتفاقيــة نيويـورك، لأنَّ اتفـاق التحكـيم باطـل وغـير ملـزم للـضامنين الاثـنين.
و٢- علـى أسـاس المـادة الخامــسة (٢)(ب) مــن اتفاقيــة نيويــورك، لأنَّ اتفــاق التحكــيم المــبرم بــين مــنظم المــشاريع الدانمركي والمـستهلكين النمـساويين الاثـنين ينتـهك النظـام العـام النمـساوي، اسـتناداً – بـصفة
خاصة – إلى البند ٦١٧ من قانون الإجراءات المدنية النمساوي (قانون الإجراءات المدنية).
وقبلت المحكمة العليا استئنافاً آخر، ونقضت قرارات المحاكم الأدنى، وأحالت القضية إلى محكمـة الدرجـة الأولى. ورأت المحكمـة العليـا، وفقـا للمـادة الخامـسة مـن الاتفاقيـة الأوروبيـة للتحكـيم التجاري الدولي لعام ١٩٦١، أنَّ الاعتراضات على الاختصاص القضائي المستندة إلى زعم عـدم وجـود اتفاقـات تحكـيم أو عـدم انطباقهـا يجـب أن تثـار قبـل المرافعـات المتعلقـة بجـوهر الـنزاع. وتُستبعد الاعتراضات التي تقدم بعد ذلك.
ومن ثم فإنَّ نطاق إعادة النظر التي تجريها المحكمة يقتصر حصراً على مسألة ما إن كان يحـق لهيئـة التحكـيم رفـض الاعتراضـات علـى الاختـصاص القضائي بسبب تأخر تقديمها. وبما أنَّ المدعى عليهما لم يتحدثا أكثر عـن حجـج هيئـة التحكـيم في هـذا الـصدد، لم تـشك المحكمـة العليـا في دقـة قـرار هيئـة التحكـيم. ورفـضت حجـج المـدعى عليهما فيما يتعلق بالمادة الخامسة (١)(أ) (و) (ج) من اتفاقية نيويورك.
وعــلاوة علــى ذلــك، لاحظــت المحكمــة العليــا أنَّ انتــهاك القــانون النمــساوي الخــاص بحمايــة المستهلكين يمكـن أن يـشكِّل انتـهاكا للنظـام العـام النمـساوي. بيـد أنـه، في الحالـة قيـد النظـر، أخطأ المدعى عليهما في التعويـل علـى المـادة ٦١٧ مـن قـانون الإجـراءات المدنيـة، الـذي يحـدد المتطلبات الضرورية لإبرام اتفاقات التحكيم المتعلقة بالمستهلكين. فهذا الحكـم لا ينطبـق إذا لم يكن مكان التحكيم في النمسا (المـادة ٥٧٧) مـن قـانون الإجـراءات المدنيـة.
وإضـافة إلى ذلـــك، أشـــارت المحكمـــة العليـــا إلى أنَّ اتفاقـــات التحكـــيم المبرمـــة بـــين منظِّمـــي المـــشاريع والمستهلكين تكون مقبولـة إذا تم التفـاوض عليهـا بطريقـة فرديـة، ونتيجـة لـذلك لا تـشكِّل في حدِّ ذاﺗﻬا انتهاكاً للنظام العام. وهذا ما تؤكِّده (المادة ٦١٧ ) مـن قـانون الإجـراءات المدنية، التي تـنص علـى إبطـال قـرار التحكـيم إذا تم، في إجـراءات تحكـيم تتعلـق بالمـستهلكين، انتهاك أحكـام إلزاميـة لا يمكـن التنـازل عنـها عـن طريـق اختيـار الطـرفين للقـانون. ومـن شـأن افتـراض أنَّ أي خـرق لأحكـام إلزاميـة واردة في قـانون حمايـة المـستهلكين سـيؤدي إلى انتـهاك للنظام العام النمساوي أن يجعل (المادة ٦١٧) من قانون الإجراءات المدنيـة لا داعـي له.
وبالنظر إلى أنَّ المدعى عليهما لم يزعما أنَّ شرط التحكيم الوارد في اتفـاق الامتيـاز لم يـتم التفاوض عليه بطريقة فردية فقد خلصت المحكمة العليا إلى أنَّ المدعى عليهما أخفقـا في إثبـات وجود انتـهاك للنظـام العـام. ولـذلك رفـضت المحكمـة العليـا أيـضا اعتراضـاﺗﻬما في إطـار (المـادة الخامسة) من اتفاقية نيويورك.